• جعل الله القوامة للرجال على النساء لسببين:
الأول: وهبي وهبهم الله إياه، وهو تفضيلهم عليهن.
الثاني: كسبي اكتسبوه وهو إفضالهم عليهن بالإنفاق.
• قال ابن عاشور: قوله (وبما أنفقوا) جيء بصيغة الماضي للإيماء إلى أنّ ذلك أمر قد تقرّر في المجتمعات الإنسانية منذ القدم، فالرجال هم العائلون لنساء العائلة من أزواج وبنات، وأضيفت الأموال إلى ضمير الرجال لأنّ الاكتساب من شأن الرجال، فقد كان في عصور البداوة بالصيد وبالغارة وبالغنائم والحرث، وذلك من عمل الرجال،
• قال القرطبي: فَهِم العلماء من قوله تعالى (وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قوّاماً عليها، وإذا لم يكن قَوّاماً عليها كان لها فسخ العقد؛ لزوال المقصود الذي شُرع لأجله النكاح.
وفيه دلالة واضحةٌ من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة؛ وهو مذهب مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة؛ لا يفسخ؛ لقوله تعالى (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ) وقد تقدّم القول في هذا في هذه السورة.
(فَالصَّالِحَاتُ) أي: فالنساء الصالحات، والصالحات: هن اللاتي قمن بحقوق الله وحقوق أزواجهن.
وفي الحديث (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة).
(قَانِتَاتٌ) أي: مطيعات مداومات على طاعة الله، والقنوت: دوام الطاعة.
(حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ) أي: حافظات لما يجب حفظه في غياب أزواجهن من حفظ أنفسهن وحفظ بيوتهم وأموالهم، وأيضاً: حافظات لما غاب عن الناس مما يكون في بيوتهن من أمور وأحوال، وما يجري بينهن وبين أزواجهن.
وفي الحديث (خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك).
(بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) أي: حافظات للغيب بحفظ الله لهن وتوفيقه وعونه وتيسيره، وقيل: حافظات للغيب بما حفظ الله: أي: بما حفظ الله لهن من حقوق على أزواجهن وقيل: بما حفظ لهن من الثواب العظيم إذا هنّ حفظن غيب أزواجهن.
• قال السعدي: قوله تعالى (بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) لهن وتوفيقه لهن، لا من أنفسهن، فإن النفس أمارة بالسوء، ولكن من توكل على الله، كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه.
• قال ابن الجوزي: قوله تعالى (بما حفظ الله) قرأ الجمهور برفع اسم «الله» وفي معنى الكلام على قراءتهم ثلاثة أقوال:
أحدها: بحفظ الله إِياهن، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، ومقاتل.
والثاني: بما حفظ الله لهن مهورهن، وإيجاب نفقتهن، قاله الزجاج.
والثالث: أن معناه: حافظات للغيب بالشيء الذي يحفظ به أمر الله، حكاه الزجاج. وقرأ أبو جعفر بنصب اسم الله. والمعنى: بحفظهن الله في طاعته.