وعن جابر. قال (قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال: في الجنة، فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتى قتل) متفق عليه.
ثانياً: الحياة بعد الاستشهاد مباشرة.
قال تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُون).
ينهى تعالى عباده المؤمنين عن أن يقولوا للشهداء أمواتاً؛ بمعنى الذين تلفت نفوسهم وعدموا الحياة، وتصرمت عنهم اللذات، وأضحوا كالجمادات، كما يتبادر من معنى الميت، ويأمرهم سبحانه بأن يقولوا لهم: الأحياء؛ لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، كما قال تعالى في آل عِمْرَان (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).
• قال الشيخ ابن عثيمين:(وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ) المراد لا تقولوا أموات موتاً مطلقاً - دون الموت الذي هو مفارقة الروح للجسد - فهذا موجود، ولولا أن أرواحهم فارقت أجسادهم لما دفناهم، ولكن الموت المطلق لم يقع منهم بدليل الإضراب الإبطالي في قوله تعالى (بل أحياء) يعني: بل هم أحياء، والمراد أنهم أحياء عند ربهم، كما في آية آل عمران، وهي حياة برزخية لا نعلم كيفيتها ولهذا قال:
(وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ) أي: لا تشعرون بحياتهم، لأنها حياة برزخية، ولولا أن الله عز وجل أخبرنا بها ما كنا نعلم بها.
وقال تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).