الأول: رحمة ذاتية موصوف بها سبحانه على الوجه اللائق به سبحانه، يجب إثباتها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه، كما قال تعالى (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وقال تعالى (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ).
الثاني: رحمة مخلوقة أنزل الله منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق وأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة يرحم الله بها عباده يوم القيامة.
كما قال -صلى الله عليه وسلم- (إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة) رواه مسلم.
ومن ذلك ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم- (إن الله عز وجل قال عن الجنة: أنتِ رحمتي أرحم بك من أشاء ..... ) وهذه الرحمة ليست صفة لله تعالى، بل هي من أثر رحمته التي هي صفته الذاتية الفعلية.
• ورحمة الله تعالى لعباده نوعان:
الأولى: رحمة عامة.
وهي لجميع الخلائق بإيجادهم، وتربيتهم، ورزقهم، وإمدادهم بالنعم والعطايا، وتصحيح أبدانهم، وتسخير المخلوقات من نبات وحيوان وجماد في طعامهم وشرابهم، ومساكنهم، ولباسهم، وحركاتهم، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى
الثانية: رحمة خاصة.
وهذه الرحمة لا تكون إلا للمؤمنين فيرحمهم الله في الدنيا بتوفيقهم إلى الهداية والصراط المستقيم، ويثبتهم عليه، ويدافع عنهم، وينصرهم على الكافرين، ويرزقهم الحياة الطيبة ويبارك لهم فيها، ويمدهم بالصبر واليقين عند المصائب، ويغفر لهم ذنوبهم، ويكفرها بالمصائب، ويرحمهم في الآخرة بالعفو عن سيئاتهم والرضا عنهم والإنعام عليهم بدخول الجنة، كما قال تعالى (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً).