(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٥)). [البقرة: ٤٥].
(وَاسْتَعِينُوا) أي اطلبوا العون على أموركم الدنيوية والأخروية.
(بِالصَّبْرِ) على فعل الطاعات، وبالصبر عن المعاصي، وبالصبر على أقدار الله المؤلمة.
والصبر شرعاً: هو حبس النفس على حكم الله.
وحكم الله نوعان: أحدهما: قدري، والآخر شرعي.
وقيل: الصبر احتمال وثبات على ما لا يلائم.
• قال السعدي: أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها، والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها، فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله.
فلا نجاح في الدنيا، ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر.
فلولا صبر الزارع على بذره ما حصد، ولولا صبر الغارس على غرسه ما جنى، ولولا صبر الطالب على درسه ما تخرج، ولولا صبر المقاتل في ساح الوغى ما انتصر، وهكذا كل الناجحين في الدنيا إنما حققوا آمالهم بالصبر.
وإذا كان هذا في أمور الدنيا، ففي أمور الآخرة أولى، وخاصة أهل الإيمان، فهم أشد الناس حاجة للصبر لأنهم يتعرضون للأذى والمحن والابتلاءات.
قال تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
وقال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
• قال ابن القيم: هو خُلق فاضل من أخلاق النفس، يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمُل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها.
الصبر باعتبار متعلقه أقسام: صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها، وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها، وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها. …
فالصبر سلاح عظيم للحصول على كل خير في الدنيا والنجاة من كل كرب.
كما قال تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا).
وقال تعالى (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ).