(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١) إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢)) [آل عمران: ١٢١ - ١٢٢].
(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) أي: واذكر يا محمد حين خرجت إلى أحد من عند أهلك، أي: من المنزل الذي فيه أهلك.
(تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) أي: تنزّل المؤمنين أماكنهم لقتال عدوهم، وتجعلهم ميْمنة وميسرة حيث أمرتهم.
• وأصل التبوء اتخاذ المنزل، يقال بوّأته منزلاً: إذا أسكنته إياه.
(وَاللَّهُ سَمِيعٌ) أي: لما تقولون.
(عَلِيمٌ) بضمائركم.
• قال ابن كثير: المرادُ بهذه الوقعة يوم أُحُد عند الجمهور، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة، والسُّدِّي، وغير واحد. وعن الحسن
البصري: المراد بذلك يوم الأحزاب. رواه ابن جرير، وهو غريب لا يُعَوَّل عليه.
وكانت وقعةُ أحد يومَ السبت من شوال سنة ثلاث من الهجرة.
• قال ابن عاشور: ومناسبة ذكر هذه الوقعة عقب ما تقدّم أنَّها من أوضح مظاهر كيد المخالفين في الدّين، المنافقين، ولمَّا كان شأن المنافقين من اليهود وأهل يثرب واحداً، ودخيلتهما سواء، وكانوا يعملون على ما تدبّره اليهود، جمع الله مكائد الفريقين بذكر غزوة أحُد، وكان نزول هذه السورة عقب غزوة أحُد كما تقدّم.
(إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا) بَنِي سَلِمَةَ وَبَنِي حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللَّهُ يَقُولُ (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) رواه البخاري.
• والهمّ من الطائفتين كان بعد الخروج لما رجع عبد الله بن أبيّ بمن معه من المنافقين فحفظ الله قلوب المؤمنين فلم يرجعوا وذلك قوله (والله وليهما).
فصورة الفشل: أنهما همتا أن ينصرفا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن تسرب إليهما بعض الجبن والخور، لكن الله ثبتهما.