(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا) يصف تعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل، فقال تعالى (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا) أي: بك وبكتابك وبرسولك.
والإيمان هنا يشمل النطق باللسان والاعتقاد بالجنان، لأن الله إذا أطلق القول بالإيمان ولم يتعقبه، كان المراد به القول باللسان، والعقد بالجنان.
(فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا) أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك.
والمغفرة: هي ستر الذنب عن الخلق، والتجاوز عن عقوبته، كما في حديث ابن عمر في المناجاة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (يدني المؤمن يوم القيامة من ربه - عز وجل - حتى يضع كنفه - أي ستره ورحمته - فيقرره بذنوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي ربي، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال الله: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) رواه البخاري ومسلم.
ومنه سمي المغفر، وهو البيضة التي توضع على الرأس تستره وتقيه السهام، ولهذا نقول مغفرة الذنوب: سترها عن الناس، والعفو عن عقوباتها.
(وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) أي: ادفع عنا عذاب النار، كما قال تعالى في وصف عباد الرحمن (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ
إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً).
• قال الطبري: وإنما خصّوا المسألةَ بأن يقيهم عذاب النار، لأن من زُحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة من عذاب الله وحسن مآبه.