• وجاء استدراك ما قد سلف واستثناؤه علماً أنهم قبل التحريم على البراءة الأصلية - والله أعلم - لئلا يقع في قلوبهم شيء مما حصل منهم قبل نزول الآية، نظراً لشدة حرمة نكاح المحارم، فطمأنهم الله، وليس المعنى إقرار ما كان من عقود هذا النكاح التي عقدت قبل نزول الآية وما زالت قائمة بعد نزول الآية، بل يجب فسخها والتفريق بين الرجل وبين من تزوج من زوجات أبيه.
(إِنَّهُ) أي: نكاحكم ما نكح آباؤكم.
(كَانَ فَاحِشَةً) والفاحشة: ما فحش من قول أو عمل في الشرع وفي عرف المسلمين، أي: إن هذا العمل هو نكاح زوجات الآباء عمل سيئ قبيح في نفسه مستفحش شرعاً وعقلاً وعرفاً.
(وَمَقْتاً) المقت: أشد البغض، فهو مقت عند الله، ومقت عند الخلق.
• قال ابن كثير: فإنه يؤدي إلى مقت الابن أباه بعد أن يتزوج بامرأته، فإن الغالب أن من تزوج بامرأة يبغض من كان زوجها قبله، ولهذا حرمت أمهات المؤمنين على الأمة، لأنهن أمهات، لكونهن زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو كالأب للأمة.
(وَسَاءَ سَبِيلاً) أي: وبئس طريقاً لمن سلكه من الناس.
فوصف الله نكاح ما نكح الآباء بثلاثة أوصاف كلها في غاية الشدة تنفيراً منه وهي: كونه فاحشة، ومقتاً، وساء سبيلاً، وهو أغلظ من الزنا، لأن الله قال في الزنا (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)