(رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) أي: يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب.
• والتبشير: الإخبار بما يسر، والإنذار: الإعلام المقرون بالتخويف.
• قال الرازي: سمّى الله تعالى النبيين بهذين الاسمين، فقال (كَانَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النبيين مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ) ثم سمّى المرسلين خاصة بهذا الإسم، فقال (مبشرين ومنذرين) ثم سمّى نبينا خاصة بهذين الإسمين، فقال (إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِّتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ).
(لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (لئلا) للتعليل، أي لأجل ألا يكون.
• قال ابن الجوزي: أي: لئلا يحتجوا في ترك التوحيد والطاعة بعدم الرسل، لأن هذه الأشياء إنما تجب بالرسل.
• وقال ابن كثير: أنه تعالى أنزل كتبه، وأرسل رسله بالبشارة والنذارة، وبيّن ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه، لئلا يبقى لمعتذر عذر كما قال تعالى (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزى) وكذا قوله تعالى (وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ) متفق عليه.
• وقال البغوي: وفيه دليل على أن الله لا يعذب الخلق قبل بعثة الرسل.
والعذر بالجهل معتبر بالشريعة.
قال تعالى (وما كنا معذبين … ).
وقال تعالى (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون).
وقال تعالى (وجاءكم النذير).
• والحجة: ما يحتج به الغير على آخر لدفع الملامة ورفع العقوبة عنه.
• الحكمة من إرسال الرسل:
أولاً: التبشير للمؤمن والإنذار للكافر.
قال تعالى (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ).
وقال تعالى (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ).
وقال تعالى (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وقال تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً).
ثانياً: رحمة للناس.
قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).