(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) أي: هذا القول هو الحق في عيسى، الذي لا محيد عنه ولا صحيح سواه، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
• وقال ابن عاشور: الخطاب في (فلا تكن من الممترين) للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمقصود التعريض بغيره، والمعرَّض بهم هنا هم النصارى الممترُون الذين امتروا في الإلاهية بسبب تحقق أن لَا أبَ لِعيسى.
• وقال ابن عطية: ونهي النبي عليه السلام في عبارة اقتضت ذم الممترين، وهذا يدل على أن المراد بالامتراء غيره، ولو قيل: فلا تكن ممترياً لكانت هذه الدلالة أقل، ولو قيل فلا تمتر لكانت أقل ونهي النبي -عليه السلام- عن الامتراء مع بعده عنه على جهة التثبيت والدوام على حاله.
• وقال الزمخشري: ونهيه عن الامتراء وجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون ممترياً من باب التهييج لزيادة الثبات والطمأنينة، وأن يكون لطفاً لغيره.
• وقال الآلوسي: قوله تعالى (فَلَا تَكُنْ مّن الممترين) خطاب له -صلى الله عليه وسلم-، ولا يضر فيه استحالة وقوع الامتراء منه -عليه السلام- كما في قوله تعالى (وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المشركين) بل قد ذكروا في هذا الأسلوب فائدتين.
إحداهما: أنه -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع مثل هذا الخطاب تحركت منه الأريحية فيزداد في الثبات على اليقين نوراً على نور.
وثانيتهما: أن السامع يتنبه بهذا الخطاب على أمر عظيم فينزع وينزجر عما يورث الامتراء لأنه -صلى الله عليه وسلم- مع جلالته التي لا تصل إليها الأماني إذا خوطب بمثله فما يظن بغيره ففي ذلك زيادة ثبات له صلوات الله تعالى وسلامه عليه ولطفه بغيره، وجوز أن يكون خطاباً لكل من يقف عليه ويصلح للخطاب.
[الفوائد]
١ - أن آدم خلق من تراب.
٢ - بيان قدرة الله حيث خلق آدم من غير أم ولا أب، وخلق عيسى من أم بلا أب.