(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧٠)). [النساء: ١٧٠].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ) أي: جاءكم محمد -صلى الله عليه وسلم- (بالحق) أي أنه جاء بالحق ولم يأت بالباطل، وأنه رسول حق ليس بكاذب. (من ربكم) أي: خالقكم ومالككم والمدبر لأموركم.
قوله تعالى (بالحق) فما جاء به فهو حق، وهو أيضاً رسول من عند الله حق.
(فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ) أي: آمنوا بما جاء به فهو خير لكم من الكفر والتكذيب.
ولاشك أن الإيمان خير من الكفر، لأن الإيمان به سعادة الدنيا والآخرة.
قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
• قال السعدي: والخير ضد الشر، فالإيمان خير للمؤمنين في أبدانهم وقلوبهم وأرواحهم ودنياهم وأخراهم. وذلك لما يترتب عليه من المصالح والفوائد، فكل ثواب عاجل وآجل فمن ثمرات الإيمان، فالنصر والهدى والعلم والعمل الصالح والسرور والأفراح، والجنة وما اشتملت عليه من النعيم كل ذلك مسبب عن الإيمان.
كما أن الشقاء الدنيوي والأخروي من عدم الإيمان أو نقصه. وأما مضرة عدم الإيمان به صلى الله عليه وسلم فيعرف بضد ما يترتب على الإيمان به. وأن العبد لا يضر إلا نفسه، والله تعالى غني عنه لا تضره معصية العاصين، ولهذا قال:
(وَإِن تَكْفُرُواْ) أي: بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وبما جاء به.
(فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) أي: فهو غني عنكم وعن إيمانكم، ولا يتضرر بكفرانكم، لأن له ما في السماوات والأرض.
قال تعالى (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ).
وقال تعالى (وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
وقال تعالى (وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (قال تعالى (لو أن أولكم وآخركم … ).