(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)). [البقرة: ٧٨ - ٧٩].
ثم ذكر الله تعالى طائفة ثالثة، وهي الطائفة الجاهلة التي لا تدري، وإنما تسمع كلاماً فتقلد فيه تقليداً أعمى: فقال:
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ) أي: ومن أهل الكتاب أميون.
• والأميون: جمع أمي، وهو الرجل الذي لا يحسن الكتابة.
• قال ابن الجوزي: وفي تسميته بالأمي قولان:
أحدهما: لأنه على خلقة الأمة التي لم تتعلم الكتاب، فهو على جبلته، قاله الزجاج.
والثاني: أنه ينسب إلى أمه، لأن الكتابة في الرجال كانت دون النساء. وقيل: لأنه على ما ولدته أمه.
(لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ) أي: لا يدرون ما فيه.
(إِلَّا أَمَانِيَّ) اختلف العلماء في المراد بالأماني هنا على قولين:
أحدهما: أن المراد بالأمنية القراءة، أي: لا يعلمون من الكتاب إلا قراءة ألفاظ دون إدراك معانيها.
واستشهد على ذلك بقوله تعالى (إِلَّا إِذَا تَمَنَّى) أي: تلا (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ .. ).
ويكون الأماني هنا جمع أمنِيّة.
• قال الشنقيطي: وهذا القول لا يتناسب مع قوله (ومنهم أميون) لأن الأمي لا يقرأ.
والثاني: أن الاستثناء منقطع، والمعنى: لا يعلمون الكتاب لكن يتمنون أماني باطلة، لأن الأماني ليست من الكتابة، وهذا قول جمهور العلماء.