لعله ابتلاء من الله تعالى لهم، وقيل: شكراً لله على هذه النعمة، فلما أنعم الله بدخول الأرض المقدسة بعد التيه الذي ضربه الله عليهم أربعين سنة، لزمهم شكر هذه النعمة بأن يدخلوا الباب (باب القرية) سجداً.
وسجود الشكر مشروع في شريعتنا، وقد سجده النبي -صلى الله عليه وسلم- وسجد أصحابه، وعند الفتح أيضاً صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمان ركعات.
(وَقُولُوا حِطَّةٌ) هذا القول الذي أُمروا به، أي: مسألتنا حطة، والحطة فعلة من الحط الذي هو الوضع، والمعنى: مسألتنا
لربنا هي حطة لذنوبنا وأوزارنا، فهي كلمة استغفار تؤذن بحط الذنوب ووضع الأوزار.
(وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) الذين يحسنون في عبادة ربهم، ويحسنون إلى المخلوقين طلباً لمرضاة الله.
وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان، لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال، ويدخل فيه الإحسان بالجاه، وبالشفاعة ونحو ذلك، وتعليم العلم النافع، وقضاء حوائج الناس من تفريج كرباتهم، وإزالة شدائدهم، وعيادة مرضاهم، وتشييع جنائزهم، وإرشاد ضالهم.
ويدخل في ذلك الإحسان في عبادة الله، إخلاصاً لله تعالى، ومتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما قال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) وقال تعالى (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ).
فالإحسان في عبادة الله: أن تقوم بالعمل متقناً فيه إخلاصاً ومتابعة.
والإحسان إلى المخلوق: بأداء حقوقهم الواجبة والمستحبة، وأن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك.