(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٢١٨)). [البقرة: ٢١٨].
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي: الذين صدقوا بالله ورسوله وعملوا بشرعه.
(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا) أي: تركوا ديارهم وهاجروا إلى الله ورسوله.
• قال ابن عاشور: هم الذين خرجوا من مكة إلى المدينة فراراً بدينهم.
(وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لإعلاء كلمة الله تعالى.
والجهاد: بذل الوسع في قتال الكفار.
(أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ) أي: أولئك يطمعون في فضل الله وثوابه.
• قال ابن عاشور: الرجاء: ترقب الخير مع تغليب ظن حصوله، فإن وعد الله وإن كان لا يخلف فضلاً منه وصدقاً، ولكن الخواتم مجهولة ومصادفة العمل لمراد الله قد تفوت لموانع لا يدريها المكلف ولئلا يتكلوا في الاعتماد على العمل.
• وقال رحمه الله: والذي يظهر لي أن تعقيب ما قبلها بها من باب تعقيب الإنذار بالبشارة وتنزيه للمؤمنين من احتمال ارتدادهم فإن المهاجرين لم يرتد منهم أحد، وهذه الجملة معترضة بين آيات التشريع.
• قال السعدي: وفي قوله (أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ) إشارة إلى أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به لا ينبغي له أن يعتمد عليها، ويعول عليها، بل يرجو رحمة ربه، ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه، وستر عيوبه.
• هذه الأعمال الثلاثة (الإيمان والهجرة والجهاد) من أفضل الأعمال.
• قال السعدي: هذه الأعمال الثلاثة، هي عنوان السعادة وقطب رحى العبودية، وبها يعرف ما مع الإنسان، من الربح والخسران، فأما الإيمان، فلا تسأل عن فضيلته، وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأهل الجنة من أهل النار؟ وهو الذي إذا كان مع العبد، قبلت أعمال الخير منه، وإذا عدم منه لم يقبل له صرف ولا عدل، ولا فرض، ولا نفل.
وأما الهجرة: فهي مفارقة المحبوب المألوف، لرضا الله تعالى، فيترك المهاجر وطنه وأمواله، وأهله، وخلانه، تقرباً إلى الله ونصرة لدينه.