للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما سأل إبراهيم -عليه السلام- الولد، فأُعْطِيه، فتعلق حبه بقلبه، فأخذ منه شعبة، غار الحبيب على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره، فأمر بذبحه، وكان الأمر في المنام ليكون تنفيذ المأمور به أعظم ابتلاءً وامتحاناً، ولم يكن المقصود ذبح الولد، ولكن المقصود ذبحه من قلبه، ليخلص القلب للرب، فلما بادر الخليل عليه الصلاة والسلام إلى الامتثال، وقدم محبة الله على محبة ولده، حصل المقصود، فرفع الذبح وفدي بذبح عظيم، فإن الرب تعالى ما أمر بشيء ثم أبطله رأساً، بل لا بد أن يبقى بعضه أو بدله، كما أبقى شريعة الفداء، وكما أبقى استحباب الصدقة بين يدي المناجاة، وكما أبقى الخمس الصلوات بعد رفع الخمسين، وأبقى ثوابها، وقال (مَا يُبَدّلُ الْقَوْلُ لَدَيّ)، هي خمس في الفعل وخمسون في الأجر.

ثم قال ابن القيّم: وأما ما يظنه بعض الظانين؛ أن المحبة أكمل من الخلة وأن إبراهيم خليل الله ومحمد -صلى الله عليه وسلم- حبيب الله، فمن جهله، فإن المحبة عامة والخلة خاصة، والخلة نهاية المحبة، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، ونفى أن يكون له خليل غير ربه، مع إخباره بحبه لعائشة ولأبيها ولعمر بن الخطاب وغيرهم.

وأيضاً فإن الله سبحانه (يُحِب التّوّابِينَ) (وَيُحِبّ المتَطَهّرِينَ)، و (يُحِبّ الصّابِرِينَ) و (يُحِبّ المحْسِنِينَ) و (يُحِبّ المتّقِينَ) و (يُحِبّ المقْسِطِينَ) وخلته خاصة بالخليلين عليهما الصلاة والسلام، والشاب التائب حبيب الله، وإنما هذا عن قلة العلم والفهم عن الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

[الفوائد]

١ - الحث على الإخلاص لله تعالى.

٢ - الحث على المتابعة.

٣ - فضيلة إبراهيم حيث أمرنا باتباعه.

٤ - فضل تحقيق التوحيد.

٥ - منقبة عظيمة لإبراهيم حيث اتخذه الله خليلاً.

٦ - أن الخلة أعلى من المحبة.

(٢٦/ ٦/ ١٤٣٤ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>