ويحتمل أن يكون ذلك قولاً لقوم منهم، كأنهم لما قالوا (متى نَصْرُ الله) رجعوا إلى أنفسهم فعلموا أن الله لا يعلي عدوهم عليهم، فقالوا (أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ) فنحن قد صبرنا يا ربنا ثقة بوعدك، وكلاهما صحيح.
• في هذه الآية البشارة العظيمة بأن نصر الله وتفريج الكربات مقرون بالكرب.
كما قال -صلى الله عليه وسلم- (وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ويشهد لهذا:
قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا). وقوله تعالى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا). وقوله تعالى (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).
قال ابن رجب رحمه الله: وكم قص سبحانه من قصص تفريج كربات أنبيائه عند تناهي الكرب، كإنجاء نوح ومن معه في الفلك، وإنجاء إبراهيم من النار، وفدائه لولده الذي أمر بذبحه، وإنجاء موسى وقومه من اليم، وإغراق عدوهم.
قال رحمه الله: ومن لطائف اقتران الفرج بالكرب واليُسر بالعسر: أن الكربَ إذا اشتد وعظُمَ وتناهي، حصل للعبد الإياس من كشفه من جهة المخلوقين، وتعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله، وهو من أعظم الأسباب التي تُطلبُ بها الحوائج، فإن الله يكفي من توكل عليه، كما قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
قال الفضيل: لو يئست من الخلق حتى لا تريد منهم شيئاً، لأعطاك مولاك كل ما تريد.
[الفوائد]
١ - إثبات الجنة.
٢ - أن الإيمان ليس بالتمني ولا بالتحلي.
٣ - حكمة الله في الابتلاء بهذه المصائب.
٤ - حكمة الله حيث يمنع النصر لفترة معينة من الزمن.
٥ - أن الصبر على البلاء من أسباب دخول الجنة.
٦ - تبشير المؤمنين بالنصر ليتقووا على الاستمرار في الجهاد.
٧ - أنه لا وصول إلى الكمال إلا بعد تجرع الصبر.