(قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (١٤١)). [البقرة: ١٣٩ - ١٤١].
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ) يقول تعالى مرشداً نبيه -صلى الله عليه وسلم- إلى درء مجادلة المشركين (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ) أي: تناظروننا في توحيد الله والإخلاص له والانقياد واتباع أوامره وترك زواجره.
• اختلف العلماء في هذه المحاجة كانت مع من؟ ذكروا فيه وجوهاً:
أحدها: أنه خطاب لليهود والنصارى.
وثانيها: أنه خطاب مع مشركي العرب حيث قالوا (لَوْلا أُنزِلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ) والعرب كانوا مقرين بالخالق.
وثالثها: أنه خطاب مع الكل، والقول الأول أليق بنظم الآية. [مفاتيح الغيب: ٤/ ٨٠].
(وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ) المتصرف فينا وفيكم المستحق لإخلاص الإلهية له وحده لا شريك له.
(وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ) أي: نحن برآء منكم ومما تعبدون وأنتم برآء منا.
كما في الآية الأخرى (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ).
وقال تعالى (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ).
وقال تعالى إخباراً عن إبراهيم (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ).
(وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) أي: مخلصون له في العبادة والتوجه. وفيه توبيخ لليهود والنصارى، والمعنى وأنتم به مشركون.
• والإخلاص أن يخلص العبد دينه، وعمله لله تعالى فلا يشرك في دينه ولا يرائي بعمله.
والأدلة على وجوب الإخلاص كثيرة.
قال تعالى (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).
وقال تعالى (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
وقال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ).
وقال تعالى (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي).
وقال تعالى (قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين).
وقال تعالى (هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجه الله) رواه النسائي.
وقال -صلى الله عليه وسلم-. قال تعالى (من عمِل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركَه) رواه مسلم.
وعن محمود بن لبيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (إن أخوفَ ما أخاف عليكم الشرك الأصغر؟ قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء، يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء). رواه أحمد