(وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣)). [البقرة: ٢٨٣].
(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ) أي: وإن كنتم مسافرين، وتداينتم حال السفر بدين إلى أجل مسمى (وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً) يكتب الدين بينكم، ومثل هذا إذا لم تجدوا أدوات الكتابة كالقرطاس والقلم ونحو ذلك.
(فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) أي: فعليكم برهان مقبوضة يقبضها الدائن وهو (المرتهن) يأخذها من الراهن وهو المدين.
• والرهن: توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه أو بعضه منها أو من بعضها.
• قال ابن عاشور: هذا معطوف على قوله (إذا تداينتم بدَين وَإِن كُنتُمْ على سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فرهان مَّقْبُوضَةٌ) الآية، فجميع ما تقدّم حكم في الحضر والمُكنة، فإن كانوا على سفر ولم يتمكّنوا من الكتابة لعدم وجود من يكتب ويشهد فقد شُرع لهم حكم آخر وهو الرهن، وهذا آخر الأقسام المتوقّعة في صور المعاملة، وهي حالة السفر غالباً، ويلحق بها ما يماثل السفر في هذه الحالة.
• وقال القرطبي: لمّا ذكر الله تعالى النَّدْب إلى الإشهاد والكتْب لمصلحة حفظ الأموال والأدّيَان، عقّب ذلك بذكر حال الأعذار المانعة من الكتْب، وجعل لها الرهن، ونص من أحوال العذر على السفر الذي هو غالب الأعذار، لا سيما في ذلك الوقت لكثرة الغزو، ويدخل في ذلك بالمعنى كلُّ عذر.
• والسفر: هو الضرب في الأرض والسير فيها، سمي السفر سفراً لأنه خروج من البلد ومحل الإقامة إلى حيث السفر والنور.
ومثل هذا إذا كان الدين في الحضر ولم يجدوا كاتباً، وإنما خص السفر، لأنه مظنة عدم وجود الكاتب، أما الحضر فيندر فيه عدم وجود الكاتب.
• قال ابن الجوزي: إنما خص السفر، لأن الأغلب عدم الكاتب، والشاهد فيه ومقصود الكلام: إذا عدمتم التوثق بالكتاب، والإشهاد، فخذوا الرهن.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي: فإن أمِن بعضكم بعضاً ولم تكتبوا الديْن ولم تشهدوا عليه.
(فلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) أي: فليؤد المدين الذي ائتمنه الدائن (أَمَانَتَهُ) أي: الذي ائتمن عليه من الدين وغيره.