للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• فيه أنه لا نجاة من الشيطان الجني إلا بالاستعاذة، أما الشيطان الإنسي فكما قال تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وقال تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).

قال ابن كثير: … ولهذا أمر الله بمصانعة شيطان الإنسان ومداراته بإسداءِ الجميل إليه، ليَرُدَّهُ طبعُه عما هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رِشوةً ولا يؤثر فيه جميل، لأنه شرير بالطبع، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه، وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن لا أعلم لهن رابعة قوله تعالى في الأعراف (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ … ) هذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر ثم قال (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقال تعالى في سورة قد أفلح (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ. وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ). وقال تعالى في فصلت (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

فالشيطان الجني لا يقبل رشوة ولا إحساناً، لا يبتغي إلا هلاك بني آدم لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل كما قال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) وقال تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)، وقد أقسم للوالد آدم عليه السلام إنه لمن الناصحين وكذب فكيف معاملته لنا وقد قال (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).

قال بعض العلماء: إن نظرت إلى قصة أبيك فإنه أقسم بأنه له من الناصحين ثم كان عاقبة ذلك الأمر أنه سعى في إخراجه من الجنة، وأما في حقك فإنه أقسم بأنه يضلك ويغويك فقال (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) فإذا كانت هذه معاملته مع أنه قد أقسم أنه من الناصحين فكيف تكون معاملته مع أنه أقسم أنه يضل و يغوي؟!

[الفوائد]

١ - مشروعية الاستعاذة دائماً من الشيطان.

٢ - فيه دليل على أن الإنسان ينبغي أن يطلب العون من الله على الطاعة وعلى مجاهدة عدوه.

٣ - وفيه دليل على اعتراف العبد بالعجز وقدرة الرب.

٤ - وفيه أنه لا وسيلة إلى القرب من الله إلا بالعجز والانكسار.

٥ - وفيه الإقرار بالفقر التام للعبد، والغنى التام لله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>