(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)). [النساء: ٤٠].
(إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) أي: إن الله لا يبخس أحداً من ثواب عمله ولا يزيد في عقابه شيئاً مقدار ذرة.
كما قال تعالى (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فلا ينقص من ثوابهم شيئاً، ولا يزاد في عذابهم، ولا يعاقبون بجريرة غيرهم.
وقال تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) ظلماً: أي: زيادة في السيئات (ولا هضماً) أي نقصاً في الحسنات.
وقال تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
• فالله عز وجل لا يظلم أحداً لكمال عدله لا لعجزه عن الظلم.
• والذرة النملة الصغيرة، وهذا مثل ضربه الله تعالى لأقل الأشياء، والمعنى: أن الله تعالى لا يظلم أحداً شيئاً قليلاً ولا كثيراً.
• قوله تعالى (مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) أي: زنة ذرة، والذرة يضرب بها المثل في التحقير، وإلا فإن الله لا يظلم مثقال ذرة ولا دونها، [وما جيء به على سبيل التحقير أو التكثير فلا مفهوم له].
وقد جاءت آيات كثيرة في معنى هذه الآية:
قال تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ).
وقال تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) وقال تعالى (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ).
(وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) أي: وإن تك الفعلة التي يفعلها الإنسان حسنة.
(يُضَاعِفْهَا) أي: يجزي أكثر منها.
• والمضاعفة قد تكون إلى عشر أضعاف، وقد يكون إلى سبعمائة ضعف، وأحياناً أكثر من ذلك.
فالتضعيف إلى عشرة أضعاف فلقوله تعالى (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا).
والتضعيف إلى سبعمائة ضعف فلقوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ) أي: حسب إخلاصه.
• وفي هذا سعة رحمة الله، وأن رحمته سبقت غضبه.