(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (٨٩) بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٩٠)). [البقرة: ٨٩ - ٩٠].
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ) أي: اليهود.
(كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) وهو القرآن الكريم، وسبق لماذا سمي القرآن كتاباً.
• قال الرازي: قد اتفقوا على أن هذا الكتاب هو القرآن لأن قوله تعالى (مُصَدّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ) يدل على أن هذا الكتاب غير ما معهم وما ذاك إلا القرآن.
(مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ) أي: أن هذا القرآن مصدق لما معهم من التوراة، قال قتادة: وهو القرآن الذي أنزل على محمد مصدق لما معهم من التوراة والإنجيل.
• وسبق معنى تصديق القرآن للكتب السابقة عند الآية [٤١].
(وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ) أي: وكان هؤلاء اليهود قبل مجيء هذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن.
(يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من المشركين، والاستفتاح: الاستنصار، وهو طلب الفتح والنصر، فطلب الفتح والنصر به هو أن يبعث فيقاتلونهم معه، فبهذا ينصرون.
(فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا) أي: من الحق وصفة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كانوا ينتظرونه.
(كَفَرُوا بِهِ) ولم يؤمنوا به، ولم يؤمنوا بما جاء به.
عن قتادة قال: كانت اليهود تستفتح بمحمد -صلى الله عليه وسلم- على كفار العرب من قبل، وقالوا: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده في التوراة يُعذبهم ويقتلهم! فلما بعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- فرأوا أنه بُعث من غيرهم كفروا به حسداً للعرب، وهم يعلمون أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة.
(فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) اللعن: هو الطرد من رحمة الله، وهؤلاء لعنوا وطردوا من رحمة الله لأنهم كفروا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.