قال النووي: من علامة المخلص أن يتكدر إذا اطلع الناس على محاسن عمله كما يتكدر إذا اطلعوا على مساويه فإن فرح النفس بذلك معصية وربما كان الرياء أشد من كثير من المعاصي.
(فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي: ثوابه، والأجر في الأصل ما يؤخذ مقابل العمل، وإنما سماه الله أجراً لبيان أنه متكفل به وأنه لا يضيع عنده.
قال الشيخ ابن عثيمين: وسمى الله (الثواب) أجراً، لأنه سبحانه وتعالى التزم على نفسه أن يجزي به كالتزام المستأجر بدفع الأجرة للأجير.
(وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي (فلا خوف عليهم) فيما يستقبلونه (ولا هم يحزنون) على ما مضى مما يتركونه.
فالخوف: الغم من أمر مستقبل، والحزن: الغم من أمر فائت، وقد يستعمل الحزن بمعنى الخوف ويمكن يفسر به قوله تعالى عن أهل الجنة حين دخلوها (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) أي: أذهب عنهم الخوف.
وقال السعدي: ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم المرغوب ونجوا من المرهوب، ويفهم منها أن من ليس كذلك، فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم-. …
[الفوائد]
١ - بيان دعوى أهل الكتاب من اليهود والنصارى أنه لا يدخل الجنة إلا من كان مثلهم يهودياً أو نصرانياً.
٢ - أن أهل الكتاب يؤمنون بالبعث والجزاء، لأن الجنة إنما يدخلها أهلها بعد البعث يوم القيامة.
٣ - أن الثواب لا يحصل إلا بأمرين:
o إسلام الوجه لله.
o الإحسان، وهو متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
٤ - قوة المحاجة في كتاب الله التي تدحض الخصم وتفحمه.
٥ - أنه لا تقبل الدعوى إلا ببينة، فمن ادعى حكماً من أحكام الله الأخروية أو الدنيوية، فإن عليه أن يبرهن فيما قال.
٦ - أن اليهود والنصارى لا حجة لهم إطلاقاً فيما ادعوه من أنه لا يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى، وما أكثر دعاوي اليهود والنصارى بأنهم أهل الجنة.