قال ابن القيم: هذه شفاعة من سيد الشفعاء لمحب إلى محبوبه وهي من أفضل الشفاعات وأعظمها أجرا عند الله فإنها تتضمن اجتماع محبوبين على ما يحبه الله ورسوله ولهذا كان أحب ما لإبليس وجنوده التفريق بين هذين المحبوبين وتأمل قوله تعالى في الشفاعة الحسنة (يكن له نصيب منها) وفي السيئة (يكن له كفل منها) فإن لفظ الكفل يشعر بالحمل والثقل ولفظ النصيب يشعر بالحظ الذي ينصب طالبه في تحصيله وإن كان كل منهما يستعمل في الأمرين عند الانفراد ولكن لما قرن بينهما حسن اختصاص حظ الخيز بالنصيب وحظ الشر بالكفل.
كان ابن عباس - رضي الله عنهما - معتكفاً في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءه رجل يستعين به على حاجة له، فخرج معه، وقال: " سمعتُ صاحب هذا القبر -صلى الله عليه وسلم- يقول: من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيراً من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يوماً ابتغاءَ وجه الله جعلَ الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، كل خندق أبعد مما بين الخافقين).
وقال سفيان بن عيينة: ليس أقول لكم إلا ما سمعت: قيل لابن المنكدر: أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخال السرور على المؤمن.
وقيل: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.
وقال الحسن البصري - رحمه الله -: لأنْ أقضي حاجةً لأخ أحبُّ إليَّ من أن أعتكف سنة.
وفي الأثر: صنائع المعروف تقي ميتة السوء.
وقال جعفر بن محمد: إن الحاجة تعرض للرجل قِبَلي فأبادر بقضائها مخافةَ أن يستغني عنها، أو تأتيه وقد استبطأها، فلا يكون لها عنده موقع.
وقال البيجاني - رحمه الله -: وإذا أراد الله بعبد خيراً جعل قضاء الحوائج على يديه.