فعلى الشافع أن يُحسن نيته، ويبتغي بذلك الأجرَ والثواب من رب الأرباب، وليتأسَّ بمَن مَدَحهم الله - سبحانه وتعالى - بقوله (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً).
فالأعمال بالنيات؛ وبقدر صِدْق المرء وإخلاصه واتِّباعه للسنة، وبقدْرِ نَصَبه وعنائه في أي أمر من الأمور الحسنة؛ يكون أجره وثوابه، فكذلك الأمر للشافع.
(وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا) أي: ومن يشفع شفاعة مخالفة للشرع يكن له نصيب من الوزر بسببها.
الكفل: الحمل الثقيل - والنصيب: ما يعمل من أجله ويحصله.
قال ابن عادل: والكفل: النَّصِيب، إلا أنَّ استعماله في الشَّرِّ أكثر، عكس النصيب، وإنْ كان قد استُعْمِل الكِفْلُ في الخَيْرِ، قال تعالى (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ) وأصلُه قالوا: مُسْتَعَارٌ مِنْ كِفْلِ البَعير، وهو كساء يُدَارُ حَوْلَ سِنَامِهِ ليُرْكَبَ، سُمِّي بِذَلِك؛ لأنَّه لم يَعُمَّ ظهرهَ كُلَّه بل نَصِيباً منه، ولغلبةِ استِعْمَالِه في الشَّرِّ، واستعمال النَّصِيب في الخير، غاير بَيْنَهُمَا في هذه الآيَة الكَريمة؛ إذ أتى بالكِفْل مع السَّيِّئَة، والنَّصِيب مع الحَسَنة
مثال: كمن يشفع لأناس قد وجب عليهم الحد أن لا يقام عليهم، قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).