للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)). [البقرة: ٢١٩ - ٢٢٠].

(يَسْأَلونَكَ) الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والسائلون هم الصحابة رضي الله عنهم.

• السائلون هم المؤمنون وسؤالهم إنما هو عن الحكم الشرعي من حيث الحل والتحريم. لا عن الحقيقة والذات فإنهم يعرفون حقيقة الخمر والميسر وذاتهما.

(عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) أي: عن حكمهما.

والخمر: لغة مأخوذ من الستر والتغطية ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- (خمروا آنيتكم .. ) أي: غطوا آنيتكم.

وفي الشرع: اسم لكل ما أسكر العقل، أي: خامره وستره وغطاه على سبيل اللذة والنشوة والطرب، قال -صلى الله عليه وسلم- (كل مسكر خمر).

والميسر: مأخوذ من اليسر وهو القمار، وكسب المال على وجه المخاطرة والمراهنة والمغالبة التي يكون فيها عوض من الطرفين، ويكون الطرفان فيها بين غانم وغارم.

• قال السعدي: وأما الميسر: فهو كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين، من النرد، والشطرنج، وكل مغالبة قولية أو فعلية، بعوض سوى مسابقة الخيل، والإبل، والسهام، فإنها مباحة، لكونها معينة على الجهاد، فلهذا رخص فيها الشارع.

• وقدم الخمر على الميسر، لأنه أكثر انتشاراً، وأعم ضرراً، ولأنه يذهب العقل مع المال.

(قُلْ) أي: قل لهم محمد.

(فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) أي: ذنب عظيم في الدين، وكبيرة من كبائر الذنوب يستوجب العقوبة الشديدة، لأنهما رجس من عمل الشيطان يسبب العداوة والبغضاء.

فالخمر فيه إزالة العقل الذي هو من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان وميزه به.

وأما الميسر فلما فيه من المقامرة والمخاطرة، وأكل أموال الناس بالباطل، وتعريض النفس للإضطرابات النفسية.

(وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) أي: وفيهما منافع للناس دنيوية فقط.

فالمنافع في الخمر ما فيها من اللذة والنشوة والطرب، وكذا ما فيها من منافع ثمنها والاتجار بها.

وأما منافع الميسر فهي ما فيها من الترويح عن النفس، والكسب لمن حالفه الحظ في هذه المقامرة، وكون المال يجلب لبعضهم من غير تعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>