وأما الخيانة فلا يوصف بها مطلقاً لأنها صفة ذم مطلقاً، ولذلك لم يذكر الله أنه خان من خانوه، فقال تعالى (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم) ولم يقل فخانهم.
(وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي: يزيدهم، في طغيانهم: أي فجورهم وكذبهم، يعمهون: أي حائرون مترددون.
• وأصل الطغيان مجاوزة الحد، ومنه قوله تعالى (إنا لما طغى الماء) أي ارتفع وعلا، وقوله في فرعون (إنه طغى) أي أسرف في الدعوى.
[الفوائد]
١ - بيان النفاق: وهو إظهار الإسلام والإيمان وإبطان الكفر والشر.
٢ - أن الجزاء من جنس العمل فمن استهزأ بالله استهزأ الله به، وهذه قاعدة معروفة بالشرع أن الجزاء من جنس العمل.
قال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وقال تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى) وقال تعالى (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم)، وقال -صلى الله عليه وسلم- (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) رواه مسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم- (الراحمون يرحمهم الله) رواه أبو داود، وقال -صلى الله عليه وسلم- (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) رواه مسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم- (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه) رواه البخاري، وقال -صلى الله عليه وسلم- (من وصل صفاً وصله الله) رواه أبو داود.
٣ - أن الله قد يملي للإنسان ويطيل عمره استدراجاً.
كما قال تعالى (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً).
وقال تعالى (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) رواه أحمد.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) متفق عليه.
٤ - أن الله يستهزئ بمن يستهزئ به، فيوصف الله بهذا الوصف إذا كان في مقابلة استهزائهم.