(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ) أي: أنزل عليك يا محمد القرآن العظيم.
(مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ) أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس.
(هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه.
• قال الطبري: … ثم وصف جل ثناؤه: هؤلاء الآيات المحكمات، بأنهن (هُنّ أمّ الكتاب) يعني بذلك: أنهن أصل الكتاب الذي فيه عماد الدين والفرائض والحدود، وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم وآجلهم، وإنما سماهن (أمّ الكتاب) لأنهن معظم الكتاب، وموضع مَفزَع أهله عند الحاجة إليه، وكذلك تفعل العرب، تسمي الجامعَ معظم الشيء (أمًّا) له، فتسمى راية القوم التي تجمعهم في العساكر (أمّهم) والمدبر معظم أمر القرية والبلدة: "أمها".
(وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) أي: فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم.
• قال السعدي: قوله تعالى (منه آيات محكمات) أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال (هن أم الكتاب) أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره، (و) منه آيات (أخر متشابهات) أي: يلتبس معناها على كثير من الأذهان: لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالحاصل أن منها آيات بينة واضحة لكل أحد، وهي الأكثر التي يرجع إليها، ومنه آيات تشكل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم والخفي إلى الجلي، فبهذه الطريق يصدق بعضه بعضاً ولا يحصل فيه مناقضة ولا معارضة.
• ثم ذكر تعالى أقسام الناس بالنسبة للمحكم والمتشابه فقال:
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل، وفسدت مقاصدهم، وصار قصدهم الغي والضلال وانحرفت