قال الشنقيطي: لوجه الثالث: أنّ (مُتَوَفِّيكَ) اسم فاعل توفاه إذا قبضه وحازه إليه ومنه قولهم: (توفّى فلان دينه) إذا قبضه إليه .. فيكون معنى (مُتَوَفِّيكَ) على هذا قابضك منهم إلي حيا، وهذا القول هو اختيار بن جرير، … ثم قال رحمه الله: وأما الجمع بأنه توفّاه ساعات أو أياما ثم أحياه فالظاهر أنه من الإسرائليات، وقد نهى -صلى الله عليه وسلم- عن تصديقها وتكذيبها.
وقيل: إن الوفاة في الآية بمعنى الموت، وهذا مروي عن ابن عباس.
وهذا القول يحتمل وجهين:
الوجه الأول: أن الله توفاه ثم رفعه بعد ذلك إلى السماء.
الوجه الثاني: أن في الآية تقديماً وتأخيراً فيكون المعنى: إني رافعك إلي، ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا، وهذا من المقدم الذي معناه التأخير.
• قال السمرقندي: قوله تعالى (إِذْ قَالَ الله ياعيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ) ففي الآية تقديم وتأخير، ومعناه إني رافعك من الدنيا إلى السماء، ومتوفّيك بعد أن تنزل من السماء على عهد الدجال.
وقد ضعف ابن جرير الوجه الأول فقال: ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله، لم يكن بالذي يميته ميتة أخرى، فيجمع عليه ميتتين، لأن الله إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يميتهم ثم يحييهم.
• وقال القرطبي - بعد أن أورد الوجه الأول - وهذا فيه بعد، فإنه صح في الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزوله وقتله الدجال.
وقيل: أن الوفاة هنا بمعنى: مستوفي أجلك، ومتم عمرك، وذلك بعصمتك من قتل أعدائك، ومؤخرك إلى أجلك المقدر، ومميتك بعد ذلك لا قتلاً بأيديهم.
وهذا اختيار الزمخشري، وأبي السعود، والقاسمي.
وقيل: أن الوفاة هنا بمعنى: متقبل عملك، وقد أورد هذا المعنى ابن عطية وضعفه فقال: وهذا ضعيف من جهة اللفظ.
(وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً) منيع الجناب لا يرام جنابه، ولا يضام من لاذ ببابه.
(حَكِيماً) في كل ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها، وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة.
[الفوائد]
١ - إثبات الأسباب.
٢ - أن الكفر سبب للشر واللعن.
٣ - أن اليهود باءوا بإثم قتل المسيح أخذاً بإقرارهم.
٤ - أن عيسى رسول الله.
٥ - أن عيسى من أم بلا أب.
٦ - كفر من قال إن عيسى قد قتل.
٧ - أن عيسى رفع.
٨ - إثبات علو الله تعالى.
٩ - أن عيسى حي.