للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وسمع الله ينقسم إلى قسمين:

أولاً: سمع إدراك: أي أن الله يسمع كل صوت خفي أو ظهر.

قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي … ).

هذا السمع قد يراد به الإحاطة، كالآية السابقة.

وقد يراد به التهديد، كقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء).

وقد يراد به التأييد، ومنه قوله تعالى لموسى: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) أي أسمعك وأؤيدك.

ثانياً: سمع إجابة: أي أن الله يستجيب لمن دعاه.

ومنه قول إبراهيم: (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء) أي مجيب الدعاء.

ومنه قول المصلي: (سمع الله لمن حمده) يعني استجاب لمن حمده.

• وسمع الله ليس كسمع أحد من خلقه، فإن الخلق وإن وصفوا بالسمع والبصر كما في قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً)، لكن هيهات أن يكون سمعهم وبصرهم كسمع وبصر خالقهم جل شأنه، قد نفى الرب سبحانه المشابهة عن نفسه بقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) لأن سمع الله وبصره مستغرق لجميع المسموعات والمرئيات، لا يعزب عن سمعه مسموع وإن دق وخفي سراً كان أو جهراً.

• والله هو السميع الذي يسمع المناجاة ويجيب الدعاء عند الاضطرار، ويكشف السوء ويقبل الطاعة، وقد دعا الأنبياء والصالحون ربهم سبحانه بهذا الاسم ليقبل منهم طاعتهم أو ليستجيب لدعائهم، فإبراهيم وإسماعيل قالا (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

وامرأة عمران عندما نذرت ما في بطنها خالصاً لله لعبادته ولخدمة بيت المقدس قالت (فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

ودعا زكريا ربه أن يرزقه ذرية صالحة ثم قال (إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ).

ودعا يوسف -عليه السلام- ربه أن يصرف عنه كيد النسوة (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

وأمر بالالتجاء إليه عند حصول وساوس شياطين الإنس والجن قال تعالى (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ

عَلِيمٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>