للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله تعالى (فمن بدله) عائد إلى الوصية، مع أن الكناية المذكورة مذكرة والوصية مؤنثة، وذكروا فيه وجوهاً:

أحدها: أن الوصية بمعنى الإيصاء ودالة عليه، كقوله تعالى (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ) أي وعظ، والتقدير: فمن بدل ما قاله الميت، أو ما أوصى به أو سمعه عنه.

وثانيها: قيل الهاء راجعة إلى الحكم والفرض، والتقدير: فمن بدل الأمر المقدم ذكره.

وثالثها: أن الضمير عائد إلى ما أوصى به الميت فلذلك ذكره، وإن كانت الوصية مؤنثة.

ورابعها: أن الكناية تعود إلى معنى الوصية وهو قول أو فعل.

(فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلق الإثم بالذين بدّلوا ذلك.

(إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم) تهديد ووعيد، أي: قد اطلع على ما أوصى به الميت، وهو عليم بذلك وبما بدّله الموصَى إليهم.

قال ابن عاشور: (إن الله سميع عليم) وعيد للمبدل، لأن الله لا يخفى عليه شيء وإن تحيل الناس لإبطال الحقوق بوجوه الحيل، وجارُوا بأنواع الجور فالله سميع وصية الموصي ويعلم فعل المبدل، وإذا كان سميعاً عليماً وهو قادر فلا حائل بينه وبين مجازاة المبدل.

• والسميع: اسم من أسماء الله متضمن لصفة السمع لله تعالى، فهو سبحانه يسمع جميع الأقوال والأصوات، السر والجهر عنده سواء.

كما قال تعالى (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ).

وقال تعالى (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى).

وقال تعالى (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

وقال تعالى (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>