(لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يعني: المهاجرين الذين قد انقطعوا إلى الله وإلى رسوله، وسكنوا المدينة وليس لهم سبب يردون به على أنفسهم ما يغنيهم.
• قال القرطبي: وإنما خصّ فقراء المهاجرين بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم وهم أهل الصُّفّة وكانوا نحواً من أربعمائة رجل، وذلك أنهم كانوا يَقْدَمون فقراء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما لهم أهل ولا مال فبُنيت لهم صُفَّة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقيل لهم: أهل الصُّفَّة.
قال أبو ذَرّ: كنت من أهل الصّفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيأمر كلَّ رجل فينصرف برجل ويبقى مَن بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤتَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعشائه ونتعشَّى معه.
• قال الرازي: قوله تعالى ( … في سبيل الله) فبيّن تعالى في هؤلاء الفقراء أنهم بهذه الصفة، ومن هذا حاله يكون وضع الصدقة فيهم يفيد وجوهاً:
أحدها: إزالة عيلتهم
والثاني: تقوية قلبهم لما انتصبوا إليه.
وثالثها: تقوية الإسلام بتقوية المجاهدين.
ورابعها: أنهم كانوا محتاجين جداً مع أنهم كانوا لا يظهرون حاجتهم، على ما قال تعالى (لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الأرض يَحْسَبُهُمُ الجاهل أَغْنِيَاء مِنَ التعفف).
(لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأرْض) يعني: سفرًا للتسبب في طلب المعاش.
• والضرب في الأرض: هو السفر؛ قال الله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ).