واختلفوا في الصيام، فمنهم من يصوم بعض النهار، ومنهم من يصوم عن بعض الطعام، فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك.
واختلفوا في إبراهيم، عليه السلام، فقالت اليهود: كان يهوديًا، وقالت النصارى: كان نصرانيًا، وجعله الله حنيفًا مسلمًا، فهدى الله أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- للحق من ذلك.
واختلفوا في عيسى -عليه السلام-، فكذّبت به اليهود، وقالوا لأمه بهتانًا عظيمًا، وجعلته النصارى إلهًا وولدًا، وجعله الله روحه، وكلمته،
فهدى الله أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- للحق من ذلك.
• قال ابن الجوزي: وفي الذي اختلفوا فيه ستة أقوال:
أحدها: أنه الجمعة، جعلها اليهود السبت، والنصارى الأحد، وسبق الحديث في ذلك.
والثاني: أنه الصلاة، فمنهم من يصلي إلى المشرق، ومنهم من يصلي إلى المغرب.
والثالث: أنه إبراهيم. قالت اليهود: كان يهودياً، وقالت النصارى: كان نصرانياً.
والرابع: أنه عيسى، جعلته اليهود لِفرية، وجعلته النصارى إلهاً.
والخامس: أنه الكتب، آمنوا ببعضها، وكفروا ببعضها.
والسادس: أنه الدين، وهو الأصح، لأن جميع الأقوال داخلة في ذلك.
• في الآية أنه كلما قوي إيمان العبد كان أقرب إلى إصابة الحق لقوله تعالى (فهدى الله الذين آمنوا) لأن الله علق الهداية على وصف الإيمان، وما علق على وصف يقوى بقوته ويضعف بضعفه.
(بِإِذْنِهِ) أي: بعلمه، بما هداهم له، وقيل: بأمره.
(وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) أي: من خلقه، أي ممن يستحق الهداية، لأن كل شيء علق بمشيئة الله فإنه تابع لحكمته، كما أنه سبحانه يجعل الرسالة في أهلها كما قال تعالى (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) فكذلك هو أعلم حيث يجعل هدايته.
(إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الذي يجمع بين العلم والعمل، كما قال تعالى (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).