للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٦١) لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (١٦٢)). [النساء: ١٦٠ - ١٦٢].

(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) يخبر تعالى أنه بسبب ظلم اليهود بما ارتكبوه من الذنوب العظيمة، حرّم عليهم طيبات كان أحلها لهم، (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ).

• قال السعدي: وهذا تحريم عقوبة، بسبب ظلمهم واعتدائهم، وصدهم الناس عن سبيل الله، ومنعهم إياهم من الهدى، وبأخذهم الربا، وقد نهوا عنه، فمنعوا المحتاجين ممن يبايعونه عن العدل، فعاقبهم الله من جنس فعلهم، فمنعهم من كثير من الطيبات.

• وهذه ليست العقوبة الوحيدة، بل هي مضافة إلى عقوبات أخر، فقد مسخ قوم منهم قردة وخنازير، وقد لعن منهم أصحاب السبت.

• فالله تعالى حرم عليهم بعض الطيبات كما قال تعالى في سورة الأنعام (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ).

[كُلَّ ذِي ظُفُرٍ] المراد: كل ما رجلاه أو قدماه غير مشقوقة - يعني الذي لم تشق رجله - مثل الإبل والنعام، يعني: الذي ليس له اصابع ولا شقت قدمه.

(وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً) أي: وصدوا الناس وصدوا أنفسهم عن اتباع الحق.

• قال ابن كثير: وهذه سجية لهم متصفون بها من قديم الدهر وحديثه، ولهذا كانوا أعداء الرسل، وقتلوا خلْقاً من الأنبياء، وكذبوا عيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.

• ومن صور صدهم عن سبيل الله:

افتراؤهم الكاذب وقولهم الباطل على الله.

تحريف كتاب ربهم بالزيادة وفيه والنقصان.

تأويلهم الكتاب على غير معانيه الصحيحة عن تعمد منهم.

تشكيكهم في كتاب الله وفي رسول الله قال تعالى (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).

كتمانهم صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- وجحودهم نبوته عليه الصلاة والسلام.

(وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا) أي: وتعاطيهم الربا.

<<  <  ج: ص:  >  >>