• فإبراهيم أخذ ولده إلى المذبح والاستعداد التام لذبحه، طاعة لأمر الله سبحانه.
وأسكن الزوج والولد في واد غير ذي زرع بمكة، حيث لم يسكن فيه إنسان.
ونهض بوجه عَبَدة الأصنام وتحطيم الأصنام، والوقوف ببطولة في تلك المحاكمة التاريخية، ثم إلقاؤه في وسط النيران، وثباته ورباطة جأشه في كل هذه المراحل.
وهاجر من أرض عبدة الأصنام والابتعاد عن الوطن، والاتجاه نحو أصقاع نائية لأداء رسالته.
(فَأَتَمَّهُنَّ) أي: قام بهن؛ أي قام بهن كلهن، وأداهن أحسن تأدية من غير تفريط ولا توان كما قال تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) أي وفَّى جميع ما شرع له، فعمل به صلوات الله عليه.
• قوله تعالى (فَأَتَمَّهُنَّ) في هذا ثناء على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد أثنى الله عليه في آيات كثيرة:
قال تعالى (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً).
وقال تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
وقال تعالى (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)
وقال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ .. ).
وقال تعالى (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ).
• وثناء الله على شخص لفائدتين:
الأولى: لنقوم بالثناء عليه.
والثانية: لنقتدي به.
(قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) الإمام القدوة، والمعنى: أي جاعلك إماماً يقتدي بك الناس ويأتمون بك، ويقتدي بك الصالحون.
• قال الفخر الرازي: إن الله تعالى لما وعده بأن يجعله إماماً للناس حقق الله تعالى ذلك الوعد فيه إلى قيام الساعة، فإن أهل الأديان على شدة اختلافها ونهاية تنافيها يعظمون إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويتشرفون بالانتساب إليه إما في النسب وإما في الدين والشريعة حتى إن عبدة الأوثان كانوا معظمين لإبراهيم -عليه السلام-، وقال الله تعالى في كتابه (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا).
وقال (مِنْ يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ).
وقال في آخر سورة الحج (مّلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سماكم المسلمين مِن قَبْلُ).
وجميع أمة محمد -عليه السلام- يقولون في آخر الصلاة وارحم محمداً وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
(قَالَ) إبراهيم -عليه السلام-.