(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)). [البقرة: ٢٨٠].
(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء، فقال (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ) أي: صاحب إعسار لا يملك وفاء (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة) أي: فعليكم نظرة إلى ميسرة.
• قال ابن كثير: أي: لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حل عليه الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي.
• قال السعدي: أي وإن كان الذي عليه الدين معسراً، لا يقدر على الوفاء، وجب على غريمه أن ينظره إلى ميسرة، وهو يجب عليه إذا حصل له وفاء بأي طريق مباح، أن يوفي ما عليه.
• فالمدين له حالات:
الحالة الأولى: إذا كان المدين معسراً لا يستطيع ولا يملك السداد.
فإنه يجب على صاحب الحق أن ينظره ويحرم مطالبته.
لقوله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ). أي وإن وُجِدَ ذو عسرة (فنظرة) أي فعليكم نظرة إلى ميسرة.
المعسر: هو الذي لا شيء عنده يسدد الدين. فهذا يجب انظاره ويحرم حبسه.
[الحالة الثانية: أن يكون عنده ما يسدد به.]
فهنا يجب عليه أن يسدده.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (مطل الغني ظلم) متفق عليه.
(المطل) المنع، يعني منع ما يجب على الإنسان دفعه من دين. (الغني) القادر على الوفاء.
فالحديث دليل على تحريم المماطلة بالحق، لقوله (ظلم)، فإذا كان ظلم وجب أن يزال، فإن أبى حبس بطلب صاحب الدين لأن الحق له.
(وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي: وأن تصدقوا على المدين، فتضعوا عنه دينه أو بعضه خير لكم في دنياكم وأخراكم.
ففي الدنيا: سبب للبركة والزيادة في المال والألفة والأخوة.
وفي الآخرة: سبب لمضاعفة الأجر والثواب الجزيل من الله.
وقد جاءت الأدلة على استحباب التيسير على الموسر.
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) رواه مسلم.