(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)). [البقرة: ٢٢].
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً) هذا من باب تعديد أصناف النعم، فجعل الله الأرض فراشاً موطئاً يستقر عليها استقراراً كاملاً.
وقد وصفها الله بأوصاف كلها تدل على أن الله جعلها مستقرة ثابتة ممهدة فراشاً.
كما قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ). وقال تعالى (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) وقال تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) وقال تعالى (وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) وقال تعالى (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً) والمراد بالقرار: أنها لا تميد بساكنيها، أي لا تضطرب كما قال تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً)
(قراراً) مستقراً بالدحو والتسوية. (مددناها) بسطناها ووسعناها (مهداً) كالفراش الذي يُوطّأُ للصبي.
وهذه من أعظم النعم أن جعل سبحانه الأرض فراشاً ومهاداً.
• قال ابن القيم: وإذا نظرت إلى هذه الأرض وكيف خلقت؟ رأيتها من أعظم آيات فاطرها وبديعها، خلقها سبحانه فراشاً ومهاداً وذللها لعباده.
فيه دليل على أنه لو كانت الأرض غير مبسوطة، كأن تكون غير مستقرة أو مضطربة لكان في ذلك مشقة وتعب.
(وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) أي جعلها بمنزلة البناء وبمنزلة السقف.
كما قال تعالى (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) وقال تعالى (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
وقال تعالى (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ).
• قال الرازي: إنه تعالى ذكر أمر السماوات والأرض في كتابه في مواضع، ولا شك أن إكثار ذكر الله تعالى من ذكر السماوات والأرض يدل على عظم شأنهما، وعلى أن له سبحانه وتعالى فيهما أسراراً عظيمة، وحكماً بالغة لا يصل إليها أفهام الخلق ولا عقولهم.