للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وقال السعدي: هذا الإرشاد من النبي -صلى الله عليه وسلم-، للزوج في معاشرة زوجته من أكبر الأسباب والدواعي إلى حسن العشرة بالمعروف، فنهى المؤمن عن سوء عشرته لزوجته، والنهي عن الشيء أمر بضده، وأمره أن يلحظ ما فيها من الأخلاق الجميلة، والأمور التي تناسبه، وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها، فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجر منها وسوء عشرتها، رآه شيئاً واحداً أو اثنين مثلاً، وما فيها مما يحب أكثر، فإذا كان منصفاً غض عن مساوئها لاضمحلالها في محاسنها.

وبهذا: تدوم الصحبة، وتؤدى الحقوق الواجبة المستحبة. وربما أن ما كره منها تسعى بتعديله أو تبديله.

وأما من غض عن المحاسن، ولحظ المساوئ ولو كانت قليلة، فهذا من عدم الإنصاف. ولا يكاد يصفو مع زوجته.

وقد قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

• وقال ابن عاشور: وهذه حكمة عظيمة، إذ قد تكره النفوس ما في عاقبته خير فبعضه يمكن التوصّل إلى معرفة ما فيه من الخير عند غوص الرأي، وبعضه قد علم الله أنّ فيه خيراً لكنّه لم يظهر للناس.

قال سهل بن حنيف، حين مرجعه من صفّين: اتَّهِموا الرأي فلقد رأيتُنا يَوم أبي جندل ولو نستطيع أن نردّ على رسول الله أمْره لردَدْنا، واللَّه ورسولُه أعلم".

وقد قال تعالى، في سورة البقرة (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)، والمقصود من هذا: الإرشادُ إلى إعماق النظر وتغلغل الرأي في عواقب الأشياء، وعدم الاغترار بالبوارق الظاهرة، ولا بميل الشهوات إلى ما في الأفعال من ملائم، حتّى يسبره بمسبار الرأي، فيتحقّق سلامة حسن الظاهر من سُوء خفايا الباطن. (تفسير ابن عاشور).

[الفوائد]

١ - تحريم إرث النساء على وجه يكرَهْنَهُ كما كان يجري في الجاهلية.

٢ - تحريم عضل المرأة بغير حق لتفتدي نفسها.

٣ - وجوب المهر بالنكاح.

٤ - أن المهر حق للمرأة.

٥ - أن سوء العشرة مبيح لعضل المرأة لتفتدي نفسها.

٦ - وجوب معاشرة الزوجة بالمعروف.

٧ - الإشارة إلى أنه ينبغي للزوج أن يصبر إذا رأى من زوجته ما يكره.

٨ - أنه لا يعلم عواقب الأمور إلا الله.

٩ - ينبغي دعاء الله والاستخارة عند الإقدام على أمر من الأمور التي لا يعلم عاقبتها، لأنه سبحانه يعلم كل شيء.

(الأربعاء: ٢٨/ ١/ ١٣٣٤ هـ). انتهى الشريط: ١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>