كأن تقول المرأة: أريد كسوة، فيقول: إن شاء الله، ثم يماطل وتمضي الأيام ولم يأتي لها بشيء.
لأن المطل مع القدرة عليه حرام، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مطل الغني ظلم).
• ويجب عليها طاعته للاستمتاع بها، والاستمتاع معناه: الوطء، لأن المقصود من النكاح الاستمتاع.
لحديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح) وفي رواية: (حتى ترجع) متفق عليه
وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها) رواه مسلم
(فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ) الكراهة ضد المحبة، والمعنى: فإن كرهتموهن (أي: كرهتم صحبتهن) لسبب من الأسباب - من غير ارتكاب فاحشة ولا نشوز - فاصبروا، ثم بين تعالى الحكمة في الصبر:
(فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) أي: فعسى أن يجعل الله في صبركم عليهن وإمساككم لهن مع كراهتهن خيراً كثيراً لا تتوقعونه في الدنيا والآخرة.
و (عسى) من الله واجبة، فتكون الآية وعداً من الله أن من صبر ابتغاء وجه الله على ما يكرهه، واحتساباً لثواب الله، بأن يجعل الله فيه خيراً كثيراً.
قال ابن عباس: هو أن يعطف عليها، فيرزق منها ولداً، ويكون في ذلك الولد خير كثير.
• قال القرطبي: قوله تعالى (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ) أي: لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نُشُوز؛ فهذا يندب فيه إلى الاحتمال، فعسى أن يَؤول الأمر إلى أن يرزق الله منها أولاداً صالحين.
• وقال ابن الجوزي: قوله تعالى (فعسى أن تكرهوا شيئاً) قال ابن عباس: ربما رزق الله منهما ولداً، فجعل الله في ولدها خيراً كثيراً.
وقد نَدَبت الآية إِلى إِمساكِ المرأة مع الكراهة لها، ونبَّهت على معنيين.
أحدهما: أن الإِنسان لا يعلم وُجوهَ الصلاح، فرب مكروهٍ عاد محموداً، ومحمودٍ عاد مذموماً.
والثاني: أن الإِنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه ما يكره، فليصبِر على ما يكره لما يُحِبُ. (زاد المسير).
• وقال السعدي: أي ينبغي لكم -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا، من ذلك امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة، ومنها أن إجباره نفسَه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة، وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك، وربما رزق منها ولداً صالحاً نفع والديه في الدنيا والآخرة، وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور.
وفي الحديث قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقاً رضي منها آخر). رواه مسلم
قال النووي في معناه: أَنَّهُ نَهْي، أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَه وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُون شَرِسَة الْخُلُق لَكِنَّهَا دَيِّنَة أَوْ جَمِيلَة أَوْ عَفِيفَة أَوْ رَفِيقَة بِهِ أَوْ نَحْو ذَلِكَ.