وقيل: بذاءة اللسان، واختار الطبري القول بالتعميم، وهو الصحيح.
قال الطبري مرجحاً العموم: وأولى ما قيل في تأويل قوله (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) أنه معنىٌّ به كل (فاحشة) من بَذاءٍ باللسان على زوجها، وأذى له، وزنًا بفرجها، وذلك أن الله جل ثناؤه عم بقوله (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة)، كلَّ فاحشة متبيّنةٍ ظاهرة، فكل زوج امرأة أتت بفاحشة من الفواحش التي هي زنًا أو نشوز، فله عضْلُها على ما بين الله في كتابه، والتضييقُ عليها حتى تفتدي منه، بأيِّ معاني الفواحش أتت، بعد أن تكون ظاهرة مبيِّنة بظاهر كتاب الله تبارك وتعالى، وصحة الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) المعاشرة الصحبة والمخالطة، والمعنى: ليعاشر كل من الزوجين الآخر بما هو واجب في الشريعة
الإسلامية من حسن العشرة قولاً وفعلاً وبذلاً.
• قال ابن كثير: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي). رواه الترمذي.
• قال ابن كثير: وكان من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه حتى أنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين، يتودد إليها بذلك، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، بل كان محسناً لخديجة بعد وفاتها، وكان يرسل الأعطيات إلى صديقاتها ويقول: اذهبوا به إلى صديقات خديجة.
• ينبغي أن ينوي كل واحد من الزوجين بالمعاشرة بالمعروف استجابة أمر الله.
فيجب على كل واحد من الزوجين أن يؤدي حق الآخر ويقوم به مع قدرته على أدائه بلا مماطلة ولا كُرهٍ لأدائه، بل يؤديه ببشر وطلاقة.