(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (٧٤)). [النساء: ٧٤].
(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هذا أمر بالجهاد في سبيل الله.
وفي هذا التنبيه على أن يكون الجهاد في سبيل الله ولتكون كلمة الله هي العليا.
عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً أَىُّ ذَلِكَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّه) متفق عليه.
(الَّذِينَ يَشْرُونَ) أي: يبيعون.
(الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ) أي: يبيعون الدنيا رغبة عنها بالآخرة رغبة فيها.
• قال ابن عطية: هذا أمر من الله عز وجل للمؤمنين الذين وصفهم بالجهاد في سبيل الله، و (يشرون) معناه: يبيعون في هذا الموضع، وإن جاء في مواضع: يشترون، فالمعنى هاهنا يدل على أنه بمعنى " يبيعون " ثم وصف الله ثواب المقاتل في سبيل الله، فذكر غايتي حالتيه، واكتفى بالغايتين عما بينهما، وذلك أن غاية المغلوب في القتال أن يقتل، وغاية الذي يقتل ويغنم أن يتصف بأنه غالب على الإطلاق.
(وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) بأن يكون جهاداً قد أمر الله به ورسوله، ويكون العبد مخلصاً لله فيه، قاصداً وجه الله.
(فَيُقْتَلْ) أي: يستشهد.
(أَوْ يَغْلِبْ) أي: ينتصر
• قال البيضاوي: وإنما قال (فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ) تنبيهاً على أن المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة حتى يعز نفسه بالشهادة أو الدين، بالظفر والغلبة وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل، بل إلى إعلاء الحق وإعزاز الدين.
(فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) فهو غانم في كل حال، إن قُتِل قُتل شهيداً، وإن غلب غلب سعيداً كما قال تعالى (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) وهما إما الشهادة أو النصر والغلبة (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ).
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال (تكفّل الله تعالى لمن جاهد في سبيله لا يُخرِجُه إلا جهادٌ في سبيله وتصديقُ كلمتِه أن يُدخِلَه الجنةَ أو يُرجِعَه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة) متفق عليه.
• قال ابن تيمية: القائم به من الشخص أو الأمّة بين إحدى الحسنيين دائماً، إمّا النصر والظفر، وإمّا الشهادة والجنة
من كلمات ابن تيمية في الجهاد وفضله: