(آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) آباؤكم وأبناؤكم، لا تدرون أيهم الأقرب لكم نفعاً في الدنيا والآخرة، أهم الآباء أم الأبناء، وهل الأنفع لكم الآباء الأدنون أم الأجداد، أو الأبناء الكبار أم الصغار أم مَن بينهم.
• قال القرطبي: قوله تعالى (لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) قيل: في الدنيا بالدعاء والصدقة؛ كما جاء في الأثر: إن الرجل ليُرفع بدعاء ولده من بعده، وفي الحديث الصحيح (إذا مات الرجل انقطع عمله إلا من ثلاث فذكر أو ولد صالح يدعو له)، وقيل: في الآخرة؛ فقد يكون الابن أفضلَ فيشفع في أبيه؛ عن ابن عباس والحسن.
وقال بعض المفسرين: إن الابن إذا كان أرفَع من درجة أبيه في الآخرة سأل الله فَرفع إليه أباه، وكذلك الأب إذا كان أرفعَ من ابنه، وقيل: في الدنيا والآخرة؛ قاله ابن زيد، واللفظ يقتضي ذلك
• وفي هذا إشارة إلى أنه عز وجل قسم المواريث على الوجه الأكمل، وأنه لو وكل ذلك إلى الناس ما عرفوا وجه الصواب في ذلك لعدم معرفتهم الأقرب نفعاً.
(فريضَةً) أي: فرض الله ذلك فريضة، والفريضة شرعاً: ما أمر الله به على وجه الإلزام.
(منَ اللَّهِ) أي: هذه الفريضة صادرة من الله لا من غيره، فهو الذي فرض هذه الفرائض وأوجبها، وقدرها بنفسه سبحانه، ولم يتول فرضها أحد سواه.
(إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً) يعلم كل شيء، يعلم المستحق وغير المستحق، وعليم بمقدار ما يستحق كل شخص، فكل فعله سبحانه ناتج عن علم.
• مباحث علم الله تعالى:
أولاً: فالله تعالى يعلم كل شيء، يشمل الجزئيات والكليات.
قال تعالى (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً).
وقال تعالى (عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
ثانياً: يعلم سبحانه الماضي والمستقبل.
قال تعالى (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ).
(ما بين أيديهم) الحاضر والمستقبل (وما خلفهم) الماضي.
ثالثاً: الله يعلم الخفايا وما في الصدور:
كما قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
وقال تعالى (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
وقال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ). وقال تعالى (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ).