[علاج الرياء وتحقيق الإخلاص]
أولاً: أن يعود نفسه إخفاء الأعمال.
قال ابن قدامة: ومن الدواء النافع (في علاج الرياء) أن يعود نفسه إخفاء العبادات، وإغلاق الأبواب دونها، كما نغلق الأبواب دون الفواحش، فإنه لا دواء في الرياء مثل إخفاء الأعمال.
قال تعالى (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله … وذكر منهم: وذكر ذكر الله خلياً ففاضت عيناه).
ثانياً: علمك بأنك عبد.
قال ابن القيم: ومما يخلصه من طلب العوض علمه بأنه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضاً ولا أجرة، إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته.
ثالثاً: أن يحاسب نفسه دون فتور.
قال الذهبي: ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحُسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، فإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه، فإنها تحب الظهور والثناء.
ومن ذلك: تعظيم الله عز وجل في القلوب.
قال تعالى (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً).
وأيضاً: علمه بأن من علامات العلم النافع أن يقود إلى الهرب من الرياء وإخفاء العمل.
قال ابن رجب: ومن علامات العلم النافع أنه يدل صاحبه على الهرب من الدنيا وأعظمها الرئاسة والشهرة والمدح، فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من علامات العلم النافع، فإذا وقع شيء من ذلك من غير قصد واختيار كان صاحبه في خوف شديد من عاقبته بحيث أنه يخشى أن يكون مكراً واستدراجاً كما كان الإمام أحمد يخاف ذلك على نفسه عند اشتهار اسمه وبعد صيته.
وعليه: بالدعاء والتضرع إلى الله بالإخلاص والتوفيق.
كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا، ومقلب القلوب.
وكان من دعاء عمر: اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.
وعليه: أن يعلم بأن الناس لن يقدموا لك شيئاً ولو مدحوك، وأن طلب مدحهم مرض خطير في القلب.
قال ابن القيم: الوقوف عند مدح الناس وذمهم: علامة انقطاع القلب وخلوه من الله وأنه لم تباشره روح محبته ومعرفته ولم يذق حلاوة التعلق به والطمأنينة إليه.
• حكى الذهبي - رحمه الله تعالى - عن أبى الحسن القطان - رحمه الله تعالى - قوله: أُصبت ببصري، وأظن أنى عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة.
قال الذهبي: صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً يخافون من الكلام، وإظهار المعرفة. واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم، وسوء القصد ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه فنسأل الله التوفيق والإخلاص. أهـ
وقال أبو قلابة لأيوب السختياني: يا أيوب إذا أحدث الله لك علمًا فأحدث لله عبادة، ولا يكونن همك أن تحدث به الناس.