• وقال ابن عاشور: وجُعل ما يحصل للمسلمين فتحاً لأنّه انتصار دائم، ونُسب إلى الله لأنّه مُقدّره ومريده بأسباب خفيّة ومعجزات بينّة.
(فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي: بما يعلمه منكم - أيها المنافقون - من البواطن الرديئة، فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهراً في الحياة الدنيا، لما له تعالى في ذلك من الحكمة، فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم، بل هو يوم تبلى السرائر ويُحصّل ما في الصدور.
• قال الشوكاني: قوله تعالى فالله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة) بما انطوت عليه ضمائرهم من النفاق والبغض للحق وأهله، ففي هذا اليوم تنكشف الحقائق، وتظهر الضمائر، وإن حقنوا في الدنيا دماءهم، وحفظوا أموالهم بالتكلم بكلمة الإسلام نفاقاً.
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) اختلف العلماء فيها:
فقيل: هذا يوم القيامة.
وقيل: إن الله لا يجعل لهم سبيلاً يمحو به دولة المؤمنين، ويُذهب آثارهم ويستبيح بَيْضَتهم.
• قال ابن كثير: وذلك باستئصال بالكلية، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس، فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة ولن يُسلّطوا عليهم استيلا
واختاره السعدي حيث قال: أي: تسلطاً واستيلاء عليهم، بل لا تزال طائفة من المؤمنين على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، ولا يزال الله يحدث من أسباب النصر للمؤمنين، ودفعٍ لتسلط الكافرين، ما هو مشهود بالعيان. حتى إن [بعض] المسلمين الذين تحكمهم الطوائف الكافرة، قد بقوا محترمين لا يتعرضون لأديانهم ولا يكونون مستصغرين عندهم، بل لهم العز التام من الله، فله الحمد أوّلا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
[الفوائد]
١ - أن القرآن منزل.
٢ - تحريم الجلوس مع الذين يستهزؤن بآيات الله
٣ - أن الحكم معلق بالسماع.
٤ - أن المشارك لفاعل المنكر كفاعل المنكر.
٥ - وجوب مغادرة المكان الذي يكفر فيه بآيات الله.
٦ - تحريم التعاون على الإثم والعدوان.
٧ - الحذر من جلساء السوء.
٨ - بيان شدة عداوة المنافقين للمؤمنين.
٨ - إثبات الجزاء والحكم بين الناس.
٩ - أنه ليس للكفار سبيل على المؤمن.
(الإثنين: ١٠/ ٧/ ١٤٣٤ هـ).