للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) على ما انتهكوا من حرمة البيت وامتهنوه من نصب الأصنام حوله، ودعاء غير الله عنده، والطواف به عرياً، وغير ذلك من أفاعيلهم التي يكرهها الله ورسوله.

وأما من جعل الآية في النصارى فقال كعب الأحبار: أن النصارى لما ظهروا على بيت المقدس خربوه، فلما بعث الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- أنزل عليه: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ … ) فليس في الأرض نصرانياً يدخل المسجد إلا خائفاً.

وقال السدي: فليس في الأرض رومي يدخله اليوم إلا وهو خائف أن يضرب عنقه، أو قد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها.

[الفوائد]

١ - تحريم منع مساجد الله من أن يذكر فيها اسمه.

٢ - الإشارة إلى أن ما يتعلق بأمور الدنيا من بيع وشراء وأجارة ونحوها، لا يحل إيقاعه في المسجد، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك).

٣ - الإشارة إلى أن المساجد إنما بنيت لذكر الله.

٤ - أن ذكر الله يكون بذكر اسمه، وذلك يقتضي أن يكون باللسان، وذكر الله يكون باللسان وبالقلب وبالجوارح.

أما ذكر الله بالقلب: بأن يكون الإنسان متفكراً متأملاً في آيات الله.

وأما الذكر باللسان: فهو يتناول كل قول يقرب إلى الله، من قراءة أو تسبيح.

وأما الذكر بالجوارح: فيشمل كل فعل يتقرب به الإنسان إلى ربه، كالوضوء والصلاة وغيرها.

٥ - أن السعي في خراب المساجد يشمل منع ذكر الله تعالى، ويشمل الخراب الحسي وذلك بهدمها.

٦ - أن هؤلاء المتسلطين على عباد الله، بمنعهم من مساجد الله أن يذكروا اسم الله، لهم عقوبتان:

عقوبة في الدنيا: وهي الخزي والذل.

وعقوبة في الآخرة: وهي العذاب العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>