(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) هذا تسلية من الله تعالى لنبيه.
أي: فإن كذبك قومك يا محمد، فقد كذبت رسل من قبلك.
• قال الرازي: قوله (فَإِن كَذَّبُوكَ) فيه وجوه:
أحدها: فإن كذبوك في قولك أن الأنبياء المتقدمين جاؤوا إلى هؤلاء اليهود بالقربان الذي تأكله النار فكذبوهم وقتلوهم، فقد كذب رسل من قبلك: نوح وهود وصالح وابراهيم وشعيب وغيرهم.
والثاني: أن المراد: فإن كذبوك في أصل النبوة والشريعة فقد كذب رسل من قبلك، ولعل هذا الوجه أوجه، لأنه تعالى لم يخصص، ولأن تكذيبهم في أصل النبوة أعظم، ولأنه يدخل تحته التكذيب في ذلك الحجاج.
وقال: المقصود من هذا الكلام تسلية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبيان أن هذا التكذيب ليس أمرا مختصاً به من بين سائر الأنبياء، بل شأن جميع الكفار تكذيب جميع الأنبياء والطعن فيهم، مع أن حالهم في ظهور المعجزات عليهم وفي نزول الكتب إليهم كحالك، ومع هذا فإنهم صبروا على ما نالهم من أولئك الأمم واحتملوا إيذاءهم في جنب تأدية الرسالة، فكن متأسيا بهم سالكا مثل طريقتهم في هذا المعنى، وإنما صار ذلك تسلية لأن المصيبة إذا عمت طابت وخفت.
كما قال تعالى (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).