(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥)). [آل عمران: ١٥٥].
• (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) أي: انهزموا يوم أحد.
• قال ابن الجوزي: الخطاب للمؤمنين، وتوليهم فرارهم من العدو، والجمعان: جمع المؤمنين وجمع المشركين يوم أحد.
(إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا) أي: بسبب بعض ما كسبوا من الذنوب التي منها مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
• قال ابن قتيبة: استزلهم طلب زلتهم، كما يقال استعجلته أي طلبت عجلته، واستعملته طلبت عمله.
(وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ) أي: عفا عما كان منهم من الفرار.
• قال ابن عاشور: ومناسبةُ ذكر هذه الآية عقب الَّتي قبلها أنَّه تعالى بعد أن بيَّن لهم مرتبة حقّ اليقين بقوله (قل لو كنتم في بيوتكم) انتقل بهم إلى مرتبة الأسباب الظاهرة، فبيّن لهم أنَّه إن كان للأسباب تأثير فسبب مصيبتهم هي أفعالهم الَّتي أملاها الشيطان عليهم وأضلّهم، فلم يتفطّنوا إلى السبب، والتبس عليهم بالمقارن، ومن شأن هذا الضلال أن يحول بين المخطئ وبين تدارك خطئه ولا يخفى ما في الجمع بين هذه الأغراض من العلم الصّحيح، وتزكية النفوس، وتحبيب الله ورسوله للمؤمنين، وتعظيمه عندهم، وتنفيرهم من الشيطان، والأفعالِ الذميمة، ومعصية الرسول، وتسفيه أحلام المشركين والمنافقين.
وعلى هذا فالمراد من الذين تولّوا نفس المخاطبين بقوله: (ثم صرفكم عنهم … ) وضمير (منكم) راجع إلى عامّة جيش أُحُد فشمل الذين ثبتوا ولم يفرّوا.
وممن فر عثمان -رضي الله عنه- لكن الله عفا عنه وعن البقية.
(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) أي: غفور لمن تاب وأناب.
(حَلِيمٌ) لا يعاجل بالعقوبة.
[الفوائد]
١ - بيان سبب انهزام من انهزم من الصحابة.
٢ - تحريم الفرار إذا التقى الجمعان.
٣ - إثبات اسم الله الحليم المتضمن لسعة حلمه تعالى.