• قال ابن كثير: أي: من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث، وهو الجماع كما قال تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك.
فالواجب على الحاج اجتناب جميع المعاصي لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) رواه البخاري، وقيل المراد بالفسوق هاهنا السباب، والأول أرجح ورجحه ابن كثير.
• قال ابن الجوزي: وفي الفسوق ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه السباب، قاله ابن عمر، وابن عباس، وإبراهيم في آخرين.
والثاني: أنه التنابز بالألقاب، مثل أن تقول لأخيك: يا فاسق، يا ظالم، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: أنه المعاصي، قاله الحسن، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وقتادة في آخرين، وهو الذي نختاره، لأن المعاصي تشمل الكل، ولأن الفاسق: الخارج من الطاعة إلى المعصية.
(وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) الجدال والخصام والمنازعة والمغاضبة، أي: ولا جدال ولا خصام في الحج، لا في أحكامه ومسائله، ولا في غير ذلك من المخاصمات والمنازعات في أمور الدين والدنيا وقت الحج.
• قال ابن عاشور: واتفقوا على أن المجادلة في إنكار المنكر وإقامة حدود الدين ليست من المنهي عنه، فالمنهي عنه هو ما يجر إلى المغاضبة والمشاتمة وينافي حرمة الحج، ولأجل ما في أحوال الجدال من التفصيل كانت الآية مجملة فيما يفسد الحج من أنواع الجدال فيرجع في بيان ذلك إلى أدلة أخرى.
• وقال السعدي: والمقصود من الحج، الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه بذلك يكون مبروراً، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان، فإنه يتغلظ المنع عنها في الحج.
(وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) قليلاً كان أو كثيراً، صغيراً كان أو كبيراً.
(يَعْلَمْهُ اللَّهُ) أي: يحيط به علماً ويحصيه عدداً ويجازيكم عليه.