(وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) أي: ما صحّ ولا استقام شرعاً ولا عقلاً لنبي من الأنبياء أن يخون في الغنيمة.
• قال السعدي: الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، (والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان) وهو محرم إجماعاً، بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب. وقد صان الله تعالى أنبياءه عن كل ما يدنسهم ويقدح فيهم، وجعلهم أفضل العالمين أخلاقاً، وأطهرهم نفوساً، وأزكاهم وأطيبهم، ونزههم عن كل عيب، وجعلهم محل رسالته، ومعدن حكمته (الله أعلم حيث يجعل رسالته).
فبمجرد علم العبد بالواحد منهم، يجزم بسلامتهم من كل أمر يقدح فيهم، ولا يحتاج إلى دليل على ما قيل فيهم من أعدائهم، لأن معرفته بنبوتهم، مستلزم لدفع ذلك، ولذلك أتى بصيغة يمتنع معها وجود الفعل منهم، فقال (وما كان لنبي أن يغل) أي: يمتنع ذلك ويستحيل على من اختارهم الله لنبوته.
(وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي: ومن يخن من غنائم المسلمين شيئاً يأت حاملاً له على عنقه يوم القيامة فضيحة له على رؤوس الأشهاد.
• في الآية تحريم الغلول وأنه من الكبائر، وقد جاءت النصوص في تحريمه.
عن ابْن عُمَر. قَالَ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ) رواه مسلم.