(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً) إن بمعنى (ما) أي: ما يدعون من دون الله إلا إناثاً.
• قال الرازي:(إن) ههنا معناه النفي ونظيره قوله تعالى (وَإِن مّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) و (يَدْعُونَ) بمعنى يعبدون لأن من عبد شيئاً فإنه يدعوه عند احتياجه إليه.
• وقال القرطبي: قوله تعالى (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ) أي من دون الله (إِلاَّ إِنَاثاً)؛ نزلت في أهل مكة إذ عبدوا الأصنام.
و (إِنٍ) نافية بمعنى (مَآ)، و (إناثاً) أصناماً، يعني اللاّت والعُزَّى ومَنَاة.
• وقد اختلف العلماء في معنى ذلك:
قيل: أن المراد هو الأوثان، وكانوا يسمونها باسم الإناث كقولهم: الّلات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، واللات تأنيث الله، والعزى تأنيث العزيز.
• قال السعدي: قوله تعالى (إلا إناثاً) أي: أوثاناً وأصناما مسميات بأسماء الإناث كـ (العزى) و (مناة) ونحوهما، ومن المعلوم أن الاسم دال على المسمى. فإذا كانت أسماؤها أسماء مؤنثة ناقصة، دل ذلك على نقص المسميات بتلك الأسماء، وفقدها لصفات الكمال، كما أخبر الله تعالى في غير موضع من كتابه، أنها لا تخلق ولا ترزق ولا تدفع عن عابديها بل ولا عن نفسها؛ نفعاً ولا ضراً، ولا تنصر أنفسها ممن يريدها بسوء، وليس لها أسماع ولا أبصار ولا أفئدة، فكيف يُعبد من هذا وصفه ويترك الإخلاص لمن له الأسماء الحسنى والصفات العليا والحمد والكمال، والمجد والجلال، والعز والجمال، والرحمة والبر والإحسان، والانفراد بالخلق والتدبير، والحكمة العظيمة في الأمر والتقدير؟ " هل هذا إلا من أقبح القبيح الدال على نقص صاحبه، وبلوغه من الخسة والدناءة أدنى ما يتصوره متصور، أو يصفه واصف؟
ومع ذلك فعبادتهم إنما صورتها فقط لهذه الأوثان الناقصة