للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤)). [البقرة: ٤٤].

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ) يقول تعالى: كيف يليق بكم يا معشر أهل الكتاب، وأنتم تأمرون الناس بالبر وهو جماع الخير، أن تنسوا أنفسكم (أي: تتركونها) فلا تأتمروا بما تأمرون الناس به، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب وتعلمون ما فيه على من قصر في أوامر الله؟

قال ابن عباس: نزلت في اليهود، كان الرجل يقول لقرابته من المسلمين في السر: اثبت على ما أنت عليه فإنه حق.

• قال الشوكاني: قوله (وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الكتاب) جملة حالية مشتملة على أعظم تقريع، وأشد توبيخ، وأبلغ تبكيت: أي: كيف تتركون البر الذي تأمرون الناس به؟ وأنتم من أهل العلم العارفين بقبح هذا الفعل، وشدّة الوعيد عليه، كما ترونه في الكتاب الذي تتلونه، والآيات التي تقرءونها من التوراة. والتلاوة: القراءة، وهي المراد هنا، وأصلها الإتباع؛ يقال تلوته: إذا تبعته، وسمي القارئ تالياً، والقراءة تلاوة؛ لأنه يتبع بعض الكلام ببعض على النسق الذي هو عليه.

وقوله (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) استفهام للإنكار عليهم.

• قوله تعالى (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ) المراد بالكتاب هنا التوراة، وهذا قول أكثر العلماء.

(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم، فتنتبهوا من رقدتكم، وتتبصروا من عمايتكم.

• قال الطبري: أي أفلا تفقهون وتفهمون.

• قال الرازي: قوله (أفلا تعقلون) فهو تعجب للعقلاء من أفعالهم ونظيره قوله تعالى: (أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) وسبب التعجب وجوه:

الأول: أن المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرشاد الغير إلى تحصيل المصلحة وتحذيره عما يوقعه في المفسدة، والإحسان إلى النفس أولى من الإحسان إلى الغير وذلك معلوم بشواهد العقل والنقل فمن وعظ ولم يتعظ فكأنه أتى بفعل

متناقض لا يقبله العقل فلهذا قال (أفلا تعقلون).

<<  <  ج: ص:  >  >>