للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الحكمة أشار لها بقوله (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ).

الحكمة الثانية: هي رجاء انتفاع المذَكَّر.

كما قال هنا عنهم (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، وذكر الله هذه الحكمة في قوله (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)

الحكمة الثالثة: هي إقامة الحجة لله على خلقه في أرضه نيابة عن رسله.

لأن الله يقول (رسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) فأهل العلم يقيمون حجة الله على خلقه بإقامة الحجة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

• فضائل هذه الأمة:

أولاً: قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). وقال -صلى الله عليه وسلم- (وجعلت أمتي خير الأمم).

ثانياً: قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) ثالثاً: قال -صلى الله عليه وسلم- (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم).

رابعاً: قال -صلى الله عليه وسلم- (إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله) رواه الترمذي.

خامساً: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّة) رواه مسلم

سادساً: قال (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، … فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، … هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) متفق عليه.

(تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح لهم.

كما قال قتادة: بَلَغَنَا أن عمر بن الخطاب في حجة حجّها رأى من الناس سُرْعة فقرأ هذه الآية (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ثم قال: من سَرَّه أن يكون من تلك الأمة فَلْيؤدّ شَرْط الله فيها. رواه ابن جرير.

ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) ولهذا لما مَدح الله تعالى هذه الأمة على هذه الصفات شرع في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم،

• قال الرازي: اعلم أن هذا كلام مستأنف، والمقصود منه بيان علة تلك الخيرية، كما تقول: زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم ويقوم بما يصلحهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>